31‏/8‏/2009

شعارنا اليوم : شكر وافتقار

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

أما بعد .. أحبتي في الله ..

قال الله تعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ , وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ

تعالوا نتزود اليوم بالوقود ( الشكر ) ونرتقي في سلم العبودية بالافتقار إلى رب البرية







كان محارب بن دثار قاضي أهل الكوفة يقول في مناجاته لله و يرفع بها صوته :

أنا الصغير الذي ربيته فلك الحمد ....و أنا الضعيف الذي قويته فلك الحمد ....و أنا الفقير الذي أغنيته فلك الحمد ....و أنا الصعلوك الذي مولته فلك الحمد ....و أنا الأعزب الذي زوجته فلك الحمد ....و أنا الساغب ( الجائع ) الذي أشبعته فلك الحمد ...و أنا العاري الذي كسوته فلك الحمد ....و أنا المسافر الذي صحبته فلك الحمد .....و أنا الغائب الذي أويته فلك الحمد .....و أنا الراجل الذي حملته فلك الحمد ربنا و لك الحمد ربنا حمدا كثيرا على حمد .







شعارنا اليوم : شكر وافتقار .

واجبنا العملي :

(1) تذكر واكتب عشر نعم أنعم الله عليك بها ، كلما تذكرتها يزداد حبك له ، وتزداد حياءا منه فيوجب ذلك (الشكر والافتقار)

(2) تودد له , فأكثر من الحمد ليرفع لك لواء الحمد يوم القيامة ، تذكر : " وكن من الشاكرين " .





وخذها نصيحة من سلفنا الصالح : عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال : لما قال له سفيان الثوري لا أقوم حتى تحدثني , قال له أنا أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير .

يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقائها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر .







كتبه الشيخ

هانى حلمى


30‏/8‏/2009

الرسالة الثامنه اترك الشهوة له

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد ...أحبتي في الله ...





مشيتم ؟! انطلقتم ؟! تحررتم من أسر الشهوات ؟؟ ماذا صنعتم ؟ هل يرى ما في قلوبكم من أحد غيره ؟ فهل طهرتم هذا القلب الذي يطلع عليه الملك ؟ وهل بدأتم رحلة التغلب على آفاتكم ؟ إننا في صراع شديد ، لكن " العاقبة للمتقين " وهذا درس الصيام " لعلكم تتقون " وهذا درس رمضان الأهم ، فاللهم نسألك قلبا سليما ولسانا صادقًا ، ونجدد الدعاء " اللهم اسلل سخائم صدورنا ، واغسل حوباتنا "




أحبتي في الله ..قال أبو سليمان الداراني : مَن أحسن في نهاره كوفىء في ليله ، ومن أحسن في ليله كوفىء في نهاره. ومن صدّق في ترك شهوة ذهب الله بها من قلبه، والله تعالى أكرم من أن يعذِّب قلباً بشهوة تُركت له.


هذا واجبنا اليوم ، إيثاره سبحانه وتعالى بترك شهوة ، قد تكون الشهوة راحة أو تلذذ بمطعم أو مشرب أو زوجة أو أولاد أو أي نعمة


، ماذا لو رآك اليوم فباهى بك في الملأ الأعلى " يذر شهوته لي " طوباك !!!! وهنيئًا لك !! ويا لسعادة قلبك لو وجدت أثرها !!نريد أن نسير ساعة ساعة ، هذه ساعة الذكر نحسنها لنرزق ساعة التلاوة ، نحسنها لنرزق التقرب بالنوافل حتى يحبنا ، نحسنها لنكافأ بالمزيد من الفيض والمنن .


أحبتي .. أريد أن تتهجدوا الليلة ولو بسورة واحدة ، وهذا من باب تنويع الطاعات والقربات ، وهذا أقرب لصلاح القلب .في كتاب الزهد لابن المبارك قال محمّد بن كعب القرظيّ: «لأن أقرأ في ليلتي حتّى أصبح بإذا زلزلت، والقارعة، لا أزيد عليهما، وأتردّد فيهما، وأتفكّر فيهما أحبّ إليّ من أن أهذّ القرآن ليلتي هذّا- أو قال- أنثره نثرا . ( أي اقرأه بسرعة ) .



نسأل الله تعالى السداد .اللهم أخرج من قلوبنا كل ما لا يرضيك ، واستودع في قلوبنا كل ما تحب منَّا ، واصطفينا بحبك يا أحب من عرفت ، ويا أحن من وجدت

كتبه الشيخ هاني حلمي .

الرسالة السابعة : لا أعرف الراحة‏

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد ...أحبتي في الله ...

كيف الحال الآن ؟ ماذا قدمتم بالأمس ؟ هل استشعرتم القرب أكثر ؟ هل ذقتم شيئا من حلاوة الإيمان ؟ هل فتح لكم في باب التعبد أكثر ؟ هل طبقتم ما اتفقنا عليه بالأمس ؟ جاهدتم نصف ساعة كانت قبل ذلك نومًا وراحة ، وأنت في رمضان لا تعرف الراحة فهذا شأن كل الصالحين في الدنيا.





قال إبراهيم بن أدْهم لرجل في الطواف: أعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات


: أولاها: تغلق باب النعمة، وتفتح باب الشدَّة.

والثانية: تغلق باب العزِّ، وتفتح باب الذلِّ.

والثالثة: تغلق باب الراحة، وتفتح باب الجهد.

والرابعة: تغلق باب النوم؛ وتفتح باب السهر.

والخامسة: تغلق باب الغنى، وتفتح باب الفقر.

والسادسة: تغلق باب الأمل، وتفتح باب الاستعداد للموت .






هذه نصائح ست ، من يطبقها ؟؟

(1) من الآن لا مجال للتنعم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن عباد الله ليسوا بالمتنعمين " فلا توسعة بإسراف وترف على هذه النفس .

(2) من الآن سيراني من أذل الخلق له ، منكسرا منطرحًا بين يديه .

(3) من الآن سأجاهد حق الجهاد في طاعته .

(4) من الآن سأسهر بدني في مرضاته .

(5) من الآن سأدخل عليه مفتقرًا ، لأني لا أرى لي سمة إلا ( عبد )

(6) من الآن لن أنتظر المساء ، لن أنتظر الصباح ، لن أفكر في غد ، من الآن يومي يومي ، سأقطع الآمال الطويلة حتى لا يقسو قلبي . ( هذه ست نصائح فالزمها )





واجبنا العملي :

أره الليلة قطرة تغسل ذنوبًا كالجبال ، فاجمع قلبك ، وعش هذا المعنى " وتضحكون ولا تبكون "

روى البيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي اللّه عنه- قال :

«لمّا نزلت أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . بكى أصحاب الصّفّة حتّى جرت دموعهم على خدودهم فلمّا سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكى معهم فبكينا ببكائه؛ فقال صلّى اللّه عليه وسلّم لا يلج النّار من بكى من خشية اللّه ، ولا يدخل الجنّة مُصِرّ على معصية ، ولو لم تذنبوا لجاء اللّه بقوم يذنبون فيغفر لهم "




كتبه الشيخ

هانى حلمى

28‏/8‏/2009

الرسالة السادسة قدم لنفسك‏‏


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد ... أحبتي في الله ..

أسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمه ، وأن لا يحرمنا منه ، ولا يحرمنا لذة النظر إلى وجهه الكريم ، وأن يجعلنا من أخلص عباده له ، ومن أصدق عباده له ، ومن أحب عباده له ، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه ..


كيف الحال ؟ ماذا رأى الله في قلوبكم على مدى أيام خمس ؟ " قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون " [الأعراف :129 ]


الله ينظر إلى القلوب وإلى الأعمال كذلك ، فماذا وجد الله من أعمالكم ليتقبلكم بقبول حسن ، ماذا وجد من اجتهادكم ؟ هل طرقتم الأبواب بشدة ؟ هل تفانيتم واستفرغتم الوسع ؟ أم مازال هناك الكثير الذي لابد أن تقدموه " وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " [البقرة :110 ]

قال تعالى :" وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [المزمل :20 ]





إخوتاه ..


نصيحتي لكم أن تعلموا غلاء ثمن الدقيقة في رمضان ، لا تضيعوا أوقاتكم في كلام لا يفيد ، وهموم لا تنقضي ، ومشاكل لا تنقطع ، وتفكير في مستقبل لم يأت بعد .

في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحة، وتقرأ صفحةً من المصحف، وتطالع ثلاث صفحات من كتاب، وتكتب رسالة، وتتلو سورة الإخلاص ثلاثاً.

هكذا زن الأمور ، الوقت رأس مالك فلا تخاطر .





ومن أجل ذلك : أريد اليوم أن نتوب لله من ساعة ضاعت هباء في رمضان ، حاسب نفسك على مدى الأيام الفائتة كم ضاع منها ، وأصلح من الآن ليبارك لك فيما هو آتٍ إن شاء الله تعالى .

تعالوا نستبق الخيرات ، ونجدد العهد ، فنعلو شيئا ما في الأيام الخمس القادمة حتى بلوغ العشر الأوسط ، فنتحاسب كل خمسة أيام ، فإذا كان هناك من بفضل الله تغير وأحسن فيما سيق ، فأحسن كما أحسن الله إليك ، واشكر النعمة فزد وتقدم أكثر ، وانظر ماذا ستقدم لتكون شاكرا لنعمة التوفيق للطاعة .

ومن لم يتغير او يتقدم كما ينبغي فالفرصة سانحة ولكنها قد لا تتعوض ولا تتكرر ، فرمضان فرصتك ، ورمضان قد يكون أول وآخر فرصك فلا تلتفت وامض حيث تؤمر .





تعالوا نصنع جدولا للأيام الخمس القادمة بعد أن وضعنا الثوابت الرمضانية في أول رسائل السفينة .

تعالوا نعلو أكثر في ميادين الذكر والتلاوة وطول القيام وكثرة الدعاء ، والدلالة على الخير ، تعالوا نأخذ من نومنا نصف ساعة نجعل فيها جزء قرآن ، أو دعاء طويل ، أو تسبيح أو استغفار (3000 مرة ) ، أو صلاة (20 ركعة ) نافلة عسى أن يبعثنا ربنا مقامًا محمودا .

استعن بالله ولا تعجز ، اصبر وصابر واصطبر ، فإنه يستحق منك الأكثر أليس هو " رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " [مريم : 65 ]

اللهم أعنا ولا تعن علينا ، وانصرنا ولا تنصر عينا ، وارزقنا خير ما عندك ، واغفر لنا سوء ما عندنا







كتبه الشيخ

هانى حلمى


الرسالة الخامسة : قوموا قانتين‏‏


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ...

أما بعد ... أحبتي في الله ..


يمضي قطار رمضان بأقصى سرعة ، فمن لحق بركاب الصالحين ، من تقدم ؟؟؟ ومن للأسف يجري في مكانه ؟؟ ومن إلى الآن لم يتحرك قال تعالى: { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } [المدثر:37]

يمضي القطار ، والله يعلم المجاهدين منَّا في طاعته ، الذين مازلوا يحتفظون بطاقتهم الإيمانية ، ويزيدون في جرعات النشاط المرة بعد المرة ، من ينافسون ويزيدون قربًا كل يوم ، من قطعوا المسافات على مدى هذه الأيام الخمس ، وقد قال تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج:78] وقال: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عمران:133] وقال: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } [الواقعة:10] وقال: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين:26]





أخي ... أختي ..


لا تقف فإن الملائكة تكتب، والعمر ينصرم، والموت قادم، وكل نفسٍ يخرج لا يعود.



أخي .. أختي ...


أمس مات، واليوم في السياق، وغداً لم يولد؛ فاغتنم لحظتك الراهنة؛ فإنها غنيمة باردة.





حذار وإياك ..


من مثبطات النجاح: هوىً متبع، ونفسٌ أمارة، ودنيا مؤثرة، وهمة باردة، وطول أمل مع تسويف ، هؤلاء " فإنهم عدو لي إلا رب العالمين "





واجبنا العملي :

(1) " وقوموا لله قانتين " القنوت معناه : دوام الطاعة مع الخشوع والإقرار بالعبودية .

أريدكم الليلة في صلاة القيام أخشع ما تكونوا ، أروا الله ضعفكم ، أروا الله ذلكم وخضوعكم وانكساركم له ، ابكوا ، فإن لم تستطيعوا فتباكوا ، اقرأوا قبل الصلاة الجزء الذي سيتلى واشحن قلبك ، وتأمل قبل أن تقف ، تجهز .

وأنصحكم بسماع محاضرة ( الذي يراك حين تقوم ) من باب الشحن المتجدد لمعاني الإيمان .




من أجمل ما سمعت









الذى يراك حين تقوم





Downloadللتحميل






لا أريد أن نتعامل بالكم فقط دون الكيف ، فليس السابق فقط الذي قرأ أكثر أو ذكر أكثر أو صلى أكثر ، أريد أن نحاسب أنفسنا ، ماذا وصل إلى قلوبنا ؟ ماذا عرفنا عن ربنا .

فالعارف طيار ، والزاهد سيار كما يقول سلفنا ، فالذي عرف الله أكثر على مدى هذه الايام هو السابق بالخيرات ، والذي زهد أكثر وأقبل على الآخرة أكثر هو الذي يتحرك ، أما المشغول بصور الأعمال فقط فأخاف ألا يبلغ ما يريد ، وأما المهموم بذاته إلى الآن فأعوذ بالله أن نكون منهم ونحن لا ندري .

" قوموا لله قانتين " ضاعفوا وردكم ، وأمسكوا بدفاتركم وسجلوا ما تشعرون به ، خاطبوا ربكم الليلة في السجود بتضرع بالغ ، وسلوه أن يرد لنا قلوبنا وأن يرحم ضعفنا له .

تضاعف ما استطعت فإن اللطف مع الضعف أكثر

هلموا ، لا مجال لضياع الوقت ، ونعوذ بالله من المقت ، أصلح فيما بقى يغفر لك ما قد مضى . السباق اشتد فأعلنوا التحدي ، وتجاوزوا الصعوبات واستنفروا هممكم ، ولا تتثاقلوا فقد آن أوان الجد .



محبكم في الله

هاني حلمي

5 رمضان 1430 هـ

26‏/8‏/2009

الإخلاص سر الصيام

ما أروع الصيام وأحلى معانيه ، تتجلى فيه عبادة من أعظم عبادات القلب ، ألا وهي إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى . ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة 5 .


الصيام خصه الله تعالى لنفسه ( الصوم لي وأنا أجزي به ) إذ هو عبادة لا يطلع على حقيقتها وصحتها إلا الله سبحانه وتعالى . من ذا الذي يطلع على الصائم إذا خلا بنفسه أأكمل صومه أم لا إلا الله عز وجل.



والإخلاص هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك.



وقيل: هو أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شرك لغير الله، فيكون الله محبوب قلبه، ومعبود قلبه، ومقصود قلبه فقط



وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء أن يكون ظاهره خيراً من باطنه.



وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.



ومن هُنا تأتي أهمية الصوم ومعناه الكبير ! إذ كُل عبادةٍ سواه قد يدخلها الرياء حتى الصلاة خير الأعمال قد يدخلها الرياء .



فما أحوجنا إلى الصيام نتعلم فيه الإخلاص . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا رياء في الصوم.



الإخلاص مطلب ملح ، وعمل قلبي واجب ، لا منزلة لأعمال العبد بدونه ، كيف لا ؛ ومدار قبول الأعمال وردها عليه.



بالإخلاص والمتابعة تقبل الأعمال ، وبضده يحبط العمل .



قال تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} سورة الزمرَ ( 2 ـ 3 ) . وقال تعالى:{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ} سورة الزمر (15- 14 )



وقد جمع الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في سلم الوصول شرطي قبول العمل ، فقال:



شرط قبول السعي أن يجتمعا*** فيه إصابة وإخلاص معـاً



لله رب العـرش لا سـواه***موافق الشرع الذي ارتضاه



وكـل ما خـالف للوحيـين *** فإنـه رد بغـير مـين



قال تعالى :{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} سورة الملك(2). قال الفضيل بن عياض - رحمه الله- أخلصه وأصوبه. قالو: ما أخلصته وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص: أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة؛ ثم قرأ قوله تعالى { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ! رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَا�! �ِحً�� وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} سورة الكهف(110).



وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} سورة النساء (125) . وإسلام الوجه هو: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه متابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وسننه.



الإخلاص فيه زكاء للنفس ، وانشراح للصدر ، وطهارة للقلب ، وتعلق بمالك الملك ، المطلع على السرائر والضمائر.



الإخلاص مسك القلب، وماء حياته، ومدار الفلاح كله عليه.



إذا اطلع الخبير البصير على الضمير فلم يجد في الضمير غير الخبير، جعل فيه سراجاً منيراً.



سئل الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- عن الصدق والإخلاص؟ فقال: بهذا ارتفع القوم.



نعم بضاعة الآخرة لا يرتفع فيها إلا مخلص صادق! .



إنما تحفظ هذه الأمة وتنصر بإخلاص رجالها!



أيها الأحبة:



إن العمل وإن كان يسيراً إذا صاحبه إخلاص فإنه يثمر ويزداد ويستمر، وإذا كان كثيراً ولم يصاحبه إخلاص فإنه لا يثمر ولا يستمر، وقد قيل: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله زال وانفصل..



قال ابن القيم - رحمه الله – في الفوائد : "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه".



الإخلاص ثمرته عظيمة ، وفوائده جليلة ، والأعمال المقترنة به مباركة:



الإخلاص هو الأساس في قبول الأعمال والأقوال.



الإخلاص هو الأساس في قبول الدعاء.



الإخلاص يرفع منزلة الإنسان في الدنيا والآخرة.



الإخلاص يبعد عن الإنسان الوساوس والأوهام.



الإخلاص يحرر العبد من عبودية غير الله..



الإخلاص يقوي العلاقات الاجتماعية وينصر الله به الأمة.



الإخلاص يفرج شدائد الإنسان في الدنيا والآخرة.



الإخلاص يحقق طمأنينة القلب وانشراح الصدر



الإخلاص يقوي إيمان الإنسان ويُكرِّه إليه الفسوق والعصيان..



الإخلاص تعظم به بركة الأعمال الصغيرة ، وبفواته تَحقُر الأعمال العظيمة .



لقد عرف السائرون إلى الله تعالى أهمية الإخلاص فجاهدوا أنفسهم في تحقيقه ، وعالجوا نياتهم في سبيله .



يقول سفيان الثوري رحمه الله : " ما عالجتُ شيئاً عليّ أشد من نيتي ، إنها تتقلب عليّ " .



وقال عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين فغسلوه؛ جعلوا ينظرن إلى آثار سواد بظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.



وعن محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل.



وهذا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل يقول عنه تلميذه أبوبكر المروزي: كنت مع أبي عبد الله نحواً من أربعة أشهر، بالعسكر، وكان لا يدع قيام الليل، وقراءات النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يُسر بذلك.



وقال محمد بن واسع: لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بل ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته، ولقد أدركت رجالاً، يقوم أحدهم في الصف، فتسيل دموعه على خده، ولا يشعر به الذي جنبه.



وقال الشافعي رحمه الله: وددت أن الخلق تعلموا هذا – يقصد علمه- على أن لا ينسب إلى حرف منه.



أخي الصائم :



ما أحوجنا للتدرب على الإخلاص في هذا الشهر الكريم ، ومجاهدة النفس على طرد العجب والتخلص من أي تعلق للقلب بغير المولى جل وعلا.



من استحضر عظمة الخالق هان عليه نظر المخلوقين وثناؤهم ، ومن تعلق قلبه بالدار الآخرة هانت عليه الدنيا وملذاتها .



مساكين من أبطلوا أعمالهم بالشرك الخفي .. مساكين من أذهبوا ثوابهم بالرياء وإرادة الثواب العاجل . { من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } النساء 134 .



{ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون } [ هود 15 – 16 ]



((قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك. �! �ن عمل عملا أشرك فيه معي غيري ، تركته وشركه)) رواه مسلم



شجرةُ الإخلاص أصلُها ثابت وفرعها في السماء . ثمرتها رضوان الله ومحبته وقبول العمل ورفعة الدرجات .



وأما شجرة الرياء فاجتُثت لخبثها فأصبحت هباء منثورا، لا ينتفع بها صاحبها ولا يرتفع ، يناديه مناد يوم يجمع الله الأولين والآخرين : من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.



لريح المخلصين عطرية القبول، وللمرائي ريح السموم.



نفاقُ المنافقين صير موضع المسجد كناسة تلقى فيها الجيف والأقذار والقمامات. ( لا تقم فيه أبداً )



وإخلاصُ المُخلصين رفع المساكين منازل فأبر الله قسمهم ( رُبَّ أشعث أغبر ) .



كم بذل نفسَه مُراءٍ لتمدَحَهُ الخلائق فذهبت والمدح ، ولو بذلها للحق لبقيت والذِكر .



المُرائي يحشو جراب العمل رملاً فيُثقلُه ولا ينفعه .. ريح الرياء جيفة تتحامى مسها القلوب.



لما أخذ دُود القزّ ينسُجُ أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت : لك نسجٌ ولي نسج ، فقالت دُودةُ القز : ولكن نسجي أرديَةُ بناتِ المُلوك ونسجُكِ شبكة الذباب ، وعند مسّ النسيجين يبين الفرق .



الإخلاص أخي الصائم .. فيه الخلاص من ذل العبودية للخلق إلى عز العبودية للخالق



الإخلاص أخي الصائم .. فيه الخلاص من نار تلظى .. ورقي في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.



الإخلاص أخي الصائم .. شجرة مورقة .. وثمرة يانعة .. بها تنال النفس أعلى المراتب .. وتتبوأ أسنى المطالب



رزقنا الله وإياك صلاح العمل .. وإخلاص النية .. وكتبنا جميعاً من المقبولين والمعتقين من النيران.





http://ramadan.ws/view/1040



info@ramadan.ws

25‏/8‏/2009

الرسالة الرابعة تمحيص القلوب‏

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ...

أما بعد ....الأحبة في الله تعالى ..

القلب ...ما أخباره ؟؟ الحال مع الله ... كيف هو ؟ أثر الصيام والقيام والقرآن بدت بشائره أم لم يحن الوقت إلى الآن ؟ رمضان هذا العام ما تقييمك له على مدى الأيام الماضية ؟ إياك أن تفتر ، إياك أن تتقاعس وتنام عن أداء واجباتك ، لا للعجز ولا للكسل ، لا للإحساس بالإحباط ، لا لكلمات المثبطين ، بل نحن في رمضان سنظل عباد للرحمن إن شاء الله تعالى .




أحبتي ...

أهم ما ينبغي رعايته الآن ( أحوال هذا القلب ) ، وقد توقفت كثيرا عند هذه الآيات ، وأحتاج أن تتدبروها معي اليوم ، وهذا واجب عملي على الجميع .

قال تعالى : " وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "


لاحظوا معي :

(1) " أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ " فالداء : الانشغال بالذات الذي يتولد عنه ( سوء الظن بالله ) ويمنع الجود سوء الظن بالمعبود .

(2) " يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ " فالانشغال بالكلام دون العمل ، ومخالفة الباطن للظاهر .

(3) " وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " فانتبه : الله سبيتلي ما في قلبك ، ويختبر صدقك ، ويستخرج ما في هذا القلب من إيمان أو نفاق ، فالآن في زمان القرآن إذا ابتليت صدورنا ومحصت قلوبنا :ماذا سيخرج منها ؟


(4) " إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ " لاحظوا صفة الحلم تقتضي الغضب ، فهل إذا رأى الله ما في قلبك الآن سيغضب أم يرضى ؟

(5) " وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ " فهو الحي الذي به حياة قلوبنا لو ماتت أو مرضت واشتد مرضها .


هذه المعاني تجعلنا اليوم نتواصى بما يلي :

أولاً : هذا الدعاء كثيرا " اللهم اسلل سخائم صدورنا " " اللهم اغسل حوبتنا "

ثانيًا : نقرأ اليوم بنية أن يجعل الله القرآن ربيع قلوبنا فيغسلها مما فيها .

ثالثًا : الاهتمام البالغ بالاستغفار ، " إنَّ العبد إذا أخطاء خطيئة نكتت في قلبه نكته سوداء فإن هو نزع و استغفر و تاب صقل قلبه " [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ]




عمل اليوم :

ضاعفوا ورد القرآن ، أو زيدوا على أكثر ما قرأتم ولو بجزء ، واستغفروا بالآلاف ( لا يقل عن 10 آلاف) ، والدعاء ما لا يقل عن نصف ساعة اليوم لا سيما في السجود لعل الله يصلح ما فسد من قلوبنا ، ولا تنسونا من صالح الدعاء

كتبه الشيخ

هانى حلمى

24‏/8‏/2009

أحكام الصيام


لا شك أن من فروض الأعيان على كل عبد مسلم أن يُلِم بأحكام الصيام في رمضان، وهذا بيان موجز لبعض الأحكام الخاصة بالصيام

فالصيام

هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ويُشترط فيه النية وهي نية الصيام عن المفطرات.

حكم الصيام

أجمعت الأمة على أن صيام شهر رمضان فرض، والدليل قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]

وقول الرسول "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" [متفق عليه]

ومن أفطر شيئًا من رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة عظيمة

ففى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم فى الرؤيا التى رآها قال " حتى إذا كنت فى سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار ثم إنطلق بى فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قال : قلت من هؤلاء ؟ قال : الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ( أي قبل وقت الإفطار ) " [صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (3951) ]

فمن يفطر شيئًا من رمضان بغير عذر على كبيرة أعظم من الزنا ومن شرب الخمر بل ومن إدمان الخمر وإنه على شافية الكفر والعياذ بالله تعالى،، أما من نسي فأكل وشرب

فليتم صومه، قال رسول الله "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" [متفق عليه]، فلا قضاء عليه ولا كفارة .. ومن رأى من يأكل ناسيًا فليُذكره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "فإذا نسيت فذكروني" [متفق عليه]



كيف يثبت دخول الشهر؟

يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال حال الصحو، أي: عندما تكون السماء صافية خالية من الغمام .. أو بإتمام شهر شعبان ثلاثين يومًا، إذا لم يُرى هلال شهر رمضان قبل ذلك ولا حاجة لتحري الهلال حينئذ .. ويجب على من رأى الهلال أو بلغه الخبر من ثقة أن يصوم ..

أما العمل بالحسابات الفلكية فى دخول الشهر فهو بدعة .. لمخالفته لنص حديث الرسول " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " [متفق عليه] ..

فإذا رأى الهلال شخص بالغ، عاقل، موثوق بخبره وأمانته وبصره، فإنه بذلك يثبت هلال رمضان ويصوم الناس بخبره



.



على من يجب الصوم؟

يجب الصوم على كل مسلم بالغ، عاقل، مُقيم، قادر، سالم من الموانع .. ويؤمر الصبي بالصيام لسبع إن أطاقه ويضرب على تركه لعشر، قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم/6]



أهل الأعذار ..


• المسافر ..

ويشترط للفطر في السفر أن يكون السفر مسافة، وأن يجاوز البلد، وألا يكون سفر معصية، وألا يقصد بسفره التحيّل على الفطر ... ويجوز للمسافر الفِطر سواء شق عليه الصوم أو لم يشقّ .. وعند جمهور العلماء أنه من سافر إلى بلد ونوى الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام فهو فى حكم المقيم ويلزمه الصوم ... ومن كان دائم السفر في عمله كالطيارين أو السائقين، فله أن يُفطر أثناء السفر وعليه القضاء.



2) المرضى ..

كل مرض خرج به الإنسان عن حد الصحة يجوز له أن يفطر به، لقوله تعالى {.. وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ..} [البقرة:185]

فإذا ثبت بالطب أو علم الشخص من عادته و تجربته أن الصيام يجلب له المرض أو يزيده أو يؤخر الشفاء، يجوز له أن يفطر بل يكره له الصيام .. وإذا كان الصوم يُسبب الإغماء للإنسان، يفطر وعليه القضاء ..

و إذا أغمى عليه أثناء النهار ثم أفاق قبل المغرب أو بعده فصيامه صحيح،

أما إذا أغمى عليه من الفجر إلى المغرب فصومه غير صحيح ووجب عليه القضاء،

وأما إذا غاب عن الوعي ثلاثة أيام فأقل يقضى وإن كان أكثر فلا يقضى

... من أرهقه جوع مفرط أو عطش شديد فخاف على نفسه الهلاك أو ذهاب بعض الحواس في غلبة الظن لا الوهم أفطر وقضى ..

لأن حفظ النفس واجب،

ولا يجوز الفطر لمجرد الشدة المحتملة أو التعب أو خوف المرض .. فلا يجوز الفطر .. لأصحاب المهن الشاقة أو للطلبة أثناء الإمتحانات أو للاعبي الكرة، كما هو شائع هذه الأيام.

إذا كان مريض بمرض غير مُزمن (يُرجى شفاؤه)، يقضي حال الشفاء ولا يجوز أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا .. لقوله تعالى {.. فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..} [البقرة: 184] ..

أما إذا كان المرض مزمنًا ولا يُرجى برؤه كالشيخوخة، يُطعم عن كل يوم مسكينًا لقوله تعالى {.. وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ..} [البقرة:184]




النية فى الصيام ..

تُشترط النية فى الصيام الواجب .. كما فى الحديث "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" [رواه أبو داود وصححه الألباني]

والنية: هي عزم القلب على الفعل،

أما التلفظ بها فهو بدعة ...

ومن نوى الإفطار أثناء النهار ولم يفطر الراجح أن صيامه لم يفسد لكن الأحوط له أن يقضى، ومن لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر فعليه أن يُمسك وعليه القضاء.

والنفل المطلق .. لا تُشترط فيه النية، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت "دخل علي رسول الله فقال : هل عندكم شئ ؟ قلنا : لا، قال : فاني إذا صائم " [رواه مسلم ] ..

أما النفل المعين .. كصوم عرفة وعاشوراء، فالأحوط أن ينوي.

إختلاف الأهلة .. جمهور العلماء على القول بعدم مراعاة اختلاف المطالع، وذلك لمراعاة أن المسلمين أمة واحدة طالما يجمعهم جزء من الليل .. ولأن ما ورد في هذا الباب محمول على اجتهاد كل طائفة إذا تعذر الإتصال بين أهل البلدان المتجاورة، وهذا لا ينطبق على العصر الحديث لسهولة الاتصال بين البلدان.






الإفطار و الإمساك ..

إذا غاب قرص الشمس أفطر الصائم .. لقوله "إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" [متفق عليه]

والسُنة أن يعجل بالإفطار .. ولو شك إنه أفطر قبل المغرب فعليه القضاء ... وإذا طلع الفجر وجب على الصائم الإمساك سواء سمع الأذان أم لم يسمعه.





المفطرات المعاصرة ..

ولا يفطر بها الصائم إلا بشروطٍ ثلاثة: أن يكون عالمًا غير جاهل، ذاكرًا غير ناسي، مختارًا غير مُضطر أو مُجبر.



وهذه المُفطرات هي:
  • منظار المعدة إذا وضع عليه مادة دهنية لتسهيل دخوله إلى الجوف ..



  • قطرة الأنف،أما قطرة وغسول الأذن فإنها لا تُفطر إلا إذا كان هناك خرق في طبلة الأذن ..

  • التخدير الكلي؛

  • إذا فقد الوعي طوال النهار فعليه القضاء ..

  • حقن الوريد المُغذية، أما الحقن الشرجية؛ فقول الأئمة الأربعة إنها تُفطر وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى إنها لا تُفطر، والأحوط أخذ جميع أنواع الحقن ليلاً ..
  • الغسيل الكلوي ..

  • التبرع بالدم، أما أخذ شيء من الدم للتحاليل فلا يفطر ..
  • التدخين، وليس عذرًا في ترك الصيام لإنه معصية ..


    ..

هذا ما تيسر ذكره من مسائل الصيام





نسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته

وأن يختم لنا شهر رمضان بالغفران والعتق من النيران،،

حَدِيثُ الْيَوْم / الاثـــنـــيـــن / 03/09/1430هـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ

السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

حَدِيثُ الْيَوْم / الاثـــنـــيـــن / 03/09/1430هـ

رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا

اللهمَّ ارْزُقْنِي الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ



-----------------------

( كـــتـــابُ مَـــواقـــيـــتُ الـــصَّـــلاة )

بابُ: (مـــن أدرك مـــن الـــصـــلاة ركـــعـــة)

-----------------------

‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه –:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

‏"مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ".



* رواهـ الـبـخـاري.

-----------------------

الرسالة الثالثة : اجتبانا

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

أما بعد ... الأحبة في الله تعالى

بشارات عديدة حملها إلينا يومان من رمضان ، اللهم بارك وأعن ويسر بالخير ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، السباق اشتد ، والمنافسة في أوجها ، والمتقربون أراهم يرفعون شعار " لن أرضى بالدنية " يسارعون ويسابقون في الخيرات ، وهم لها سابقون .

فإياك أن يرحلوا وأنت في مكانك لا تتحرك ، من ينافس من قاربوا الانتهاء من الختمة الثانية ، من ينافس من صار وردهم كورد أبي هريرة (12 ألف ) تسبيحة أو استغفارا ، من ينافس من يكتبون كل يوم من المقنطرين فصار وردهم (1000 آية ) في القيام يوميًا ، اللهم بارك في عباد صالحين ، ونعوذ بالله من حسرات عباد غافلين حتى الآن .

إخوتاه ..

توقفت عند هذه الآية ، وجعلتني أتعبد ربي بحسن الظن وحسن الرجاء لعلنا جميعًا ندخل تحت فضلها .

يقول الله تعالى في شأن نبيه يونس :" فاجتباه ربه فجعله من الصالحين "

قالَ الرَّاغبُ الأصفهاني : الاجْتِباءُ الجَمْع على طَريقِ الاصْطِفاءِ ، واجْتِباءُ اللَّهِ العِبادَ تَخْصِيصُه إيَّاهُم بفَيْضٍ يَتَحَصَّل لهُم منه أَنْواعٌ مِن النَّعَم بلا سَعْيِ العَبْد ، وذلكَ للأَنْبياءِ وبعضِ مَن يُقارِبهم مِنَ الصِّدِّيقِين والشُّهداء .

هل تعرفون ماذا يعني هذا ؟

معناه أننا ونحن في هذا الزمان الفضيل ، قد يمن الله علينا بفيض من رحمته ، فيجعلنا من الصالحين ، يصلحنا الله في ليلة ، لم لا ؟ وإن كانت أعمالنا قاصرة ، وإن كان جهدنا لا يكافئ النعمة ، لكن قد يجتبينا ، وهذا ظننا برنا .

دعونا اليوم نتعبد بعيودية حسن الظن والرجاء ، ليكون منها الباعث على العمل لا للكسل .

ولذلك واجبنا اليوم سيصب في هذا المعنى :

اليوم " كن من الشاكرين " واستمطر الرحمات ولا تكن من القانطين ، وصحح المسار ، ولا تكن من الزائغين ، وزد في طاعتك ولا تكن من المتكاسلين .

روى الطبراني وحسنه المنذري والألباني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أوصني . قال عليك بتقوى الله ما استطعت ، واذكر الله عند كل حجر وشجر وما عملت من سوء فأحدث له توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية .

إنها وظائف ثلاث :

(1) اتق الله ما استطعت ، راقبوا قلوبكم أثناء العبادات ، وحال الغفلات ، واغرسوا معاني المراقبة ، وتذكروا " ويحذركم الله نفسه "

(2) ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الرحمن ، اذكر في كل الأحوال ، لا تفتر عن هذه الوظيفة المنشطة للقلب .

(3) جدد توبتك ، وتذكر أعمالك السيئة ، صنعت ذنبا في السر أحدث له عملا صالحا في السر الآن في هذا الوقت سريعا ، صنعت ذنبا في الجهر أحدث له عملا صالحا جهرا ، لتلقى الله بالقلب السليم .

إلى كل من يعانون من ظروف قاسية :

(1) استعن بالله ولا تعجز .

(2) اصلح فيما تستطيع يهب الله لك ما لا تقدر عليه .

(3) ليس المهم كم الأعمال المهم أثرها ، فقد تبلغ باليسير الأجر الكبير ، فقط أروا الله من أنفسكم عبودية الرضا والصبر والاحتساب ، والاهتمام بالقرب ، والمجاهدة في تلك الظروف ، والله لطيف بعباده ، والله رؤوف بالعباد وإلى الله المصير