بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( سلسلة تـفـسـيـر وتـحـفـيـظ الـقـرآن الـكـريـم )
[ آيـــات الــيــوم(123) ]
السبت– (04/صفر/1432هـ) – (08/01/2011م)
سورة النساء الآية: (60-65)
اللَّهُمَّ اْرْحَمْنيِ بالقُرْءَانِ وَاْجْعَلهُ لي إِمَاماً وَ نُوراً وَهُدى وَرَحْمَه
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)
معنى الآيات
روي أن منافقاً ويهوديا اختلفا في شيء فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم لعلمه أنه يحكم بالعدل ولا يأخذ رشوة، وقال المنافق نتحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي فتحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فنزلت فيهما هذه الآية:{ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك} والمراد بهذا المنافق، {وما أنزل من قبلك} والمراد به اليهودي والاستفهام للتعجب ألأم ينته إلى علمك موقف هذين الرجلين {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} " كعب بن الأشرف " ، أو الكاهن الجهني، وقد أمرهم الله أن يكفروا به {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} حيث زين له التحاكم عند الكاهن أو كعب اليهودي، {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول} ليحكم بينكم رأيت ياللعجب المنافقين يعرضون عنك اعراضا هاربين من حكمك غير راضين بالتحاكم إليك لكفرهم بك وتكذيبهم لك {فيكيف إذا أصابتهم مصيبة} وحلت بهم قارعة بسبب ذنوبهم أيبقون معرضين عنك؟ أم ماذا؟ {ثم جاءوك يحلفون بالله} قائلين، ما أردنا إلا الإِحسان في عملنا ذلك والتوفيق بين المتخاصمين. هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث، وأما الرابعة وهي قوله تعالى: {أؤلئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} فإن الله تعالى يشير إليهم بأولئك لبعدهم في الخسة والانحطاط فيقول {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم} أي من النفاق والزيغ فهم عرضة للنقمة وسوء العذاب، {فأعرض عنهم} فلا تؤاخذهم، {وعظهم} آمراً إياهم بتقوى الله والإِسلام له ظاهراً وباطناً مخوفا إياهم من عاقبة سوء أفعالهم بترك التحاكم إليك وتحاكمهم إلى الطاغوت، وقل لهم في خاصة أنفسهم قولا بليغاً ينفذ إلى قلوبهم فيحركها ويذهب عنها غفلتها علهم يرجعون.
هداية الآيات
1- حرمة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا وُجد عالم بهما.
2- وجوب الكفر بالطاغوت أيا كان نوعه.
3- وجوب الدعوة إلى التحاكم بالكتاب والسنة ووجوب قبولها.
4- استحباب الإِعراض عن ذوي الجهالات، ووعظهم بالقول البليغ الذي يصل إلى قلوبهم فيهزها.
2- وجوب الكفر بالطاغوت أيا كان نوعه.
3- وجوب الدعوة إلى التحاكم بالكتاب والسنة ووجوب قبولها.
4- استحباب الإِعراض عن ذوي الجهالات، ووعظهم بالقول البليغ الذي يصل إلى قلوبهم فيهزها.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)
معنى الآيات
بعد تقرير خطأ وضلال من أرادا أن يتحكما إلى الطاغوت كعب بن الأشرف اليهودي وهما اليهودي والمنافق في الأيات السابقة أخبر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ما أرسلَ رسولاً مِن رسله المئات إلا وأمر المرسل إليهم بطاعته واتباعه والتحاكم إليه وتحكيمه في كل ما يختلفون فيه وذلك أمره وقضاؤه وتقديره فما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن كما أخبر تعالى أن أولئك الظالمين لأنفسهم بتحاكمهم إلى الطاغوت وصدودهم عن التحاكم إليك أيها الرسول لَوْ جاءوك متنصلين من خطيئتهم مستغفرين الله من ذنوبهم واستغفرت لهم أنت أيها الرسول أي سألت الله تعالى لهم المغفرة لو حصل منهم هذا لدل ذلك على توبتهم وتاب الله تعالى عليهم فوجدوه عز وجل {توابا رحيماً}. هذا معنى الآية (64) {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله، ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله، واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما.
وأما الآية (65) {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} فإن الله تعالى يقول {فلا} أي ليس الأمر كما يزعمون، ثم يقسم تعالى فيقول {وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} أيها الرسول أي يطلبون حكمك فيما اختلفوا فيه واختلط عليهم من أمورهم ثم بعد حكمك لا يجدون في صدروهم أدنى شك في صحة حكمه وعدالته، وفي التسليم له والرضا به وهو معنى الحرج
وأما الآية (65) {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} فإن الله تعالى يقول {فلا} أي ليس الأمر كما يزعمون، ثم يقسم تعالى فيقول {وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} أيها الرسول أي يطلبون حكمك فيما اختلفوا فيه واختلط عليهم من أمورهم ثم بعد حكمك لا يجدون في صدروهم أدنى شك في صحة حكمه وعدالته، وفي التسليم له والرضا به وهو معنى الحرج
هداية الآيات
1- وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به وينهى عنه.
2- بطلان من يزعم أن في الآية دليلا على جواز طلب الاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم لأن قوله تعالى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك} الآية نزلت في الرجلين اللّذين أرادا التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي وإعراضهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم فاشترط توبتهما إتيانهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفارهما الله تعالى، واستغفار الرسول لهما، وبذلك تقبل توبتهما، وإلا فلا توبة لهما أما من عداهما فتوبته لا تتوقف على إيتانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لاستغفاره له وهذا محل إجماع بين المسلمين.
3- كل ذنب كبر أو صغر يعتبر ظلماً للنفس وتجب التوبة منه بالاستغفار والندم والعزم على عدم مراجعته بحال من الأحوال.
4- وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة وحرمة التحاكم إلى غيرهما.
5- وجوب الرضا بحكم الله ورسوله والتسليم به.
2- بطلان من يزعم أن في الآية دليلا على جواز طلب الاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم لأن قوله تعالى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك} الآية نزلت في الرجلين اللّذين أرادا التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي وإعراضهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم فاشترط توبتهما إتيانهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفارهما الله تعالى، واستغفار الرسول لهما، وبذلك تقبل توبتهما، وإلا فلا توبة لهما أما من عداهما فتوبته لا تتوقف على إيتانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لاستغفاره له وهذا محل إجماع بين المسلمين.
3- كل ذنب كبر أو صغر يعتبر ظلماً للنفس وتجب التوبة منه بالاستغفار والندم والعزم على عدم مراجعته بحال من الأحوال.
4- وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة وحرمة التحاكم إلى غيرهما.
5- وجوب الرضا بحكم الله ورسوله والتسليم به.
وصلة الوورد
إلى اللقاء في الآيات القادمة