بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ॥
أما بعد ...
أحبتي في الله ..
أسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا ونواصينا إليه أخذ الكرام عليه ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك والقادر عليه ॥
أحبتي ..
إنها تمر كالبرق ، وسرعان ما وجدنا أنفسنا في أخريات هذه الأيام ، والفرصة مازالت سانحة ، بل إننا شرفنا على استقبال أعظم أيام العشر ، يوم عرفة ويوم النحر ، والتعايش مع الحجيج بقلوبنا حين يؤدون المناسك ، فلا تنسوا : " اللهم قد حبسنا العذر فلا تحرمنا ربنا الأجر "
اللهم اجعل همنا الآخرة ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، اجعل أهدافنا كلها تدور حول تحقيق رضاك ، اجعلنا أكثر إقبالا عليك ، اجعلنا من الآن نتوق ونشتاق إلى عرفات وإلى الحج ، واكتبه لنا في عامنا القادم بمنك وفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين .
أحبتي ॥
ندخل اليوم " جنة حسن الظن "
ووالله الذي لا إله غيره إنه لمن أعظم الجنان ، وإن من دخلها يرتوي قبل " يوم التروية " ويهنأ قبل " العيد " في تلك السعادة الأبدية ، حين يعرف من هو ربه ، ويتودد له ، ويخجل من كرمه ، ويستحي من جوده ، ويجد نفسه يحلق في سماء المعرفة بالله تعالى .
اسمعوا لهذا الأثر ، واكتبوا تعليقكم ، وصفوا لي مشاعركم كما سيحس بها هذا الرجلان ، ثم بالله اسجد سجود الشاكرين أنَّ هذا هو ربنا ، وأن هذه هي صفاته ، وأنت ساجد ابكِ من خطيئتك ، واستغفر ، وجدد توبتك ، وأطل السجود تضرعًا ودعاء ، وناجه بقلبك ، وخاطبه وأنت منكسر مستحي ।
تريدون الخبر اسمعوا بقلوبكم لقول بلال بن سعد الذي في [ الحلية (5/226) ]
قال : يأمر الله تعالى بإخراج رجلين من النار ، قال : فيخرجان بسلاسلهما وأغلالهما فيوقفان بين يديه .
فيقول : كيف وجدتما مقيلكما ومصيركما ؟
فيقولان : شر مقيل وأسوأ مصير .
فيقول : بما قدمت أيديكما وما أنا بظلام للعبيد فيأمر بهما إلى النار .
فأما أحدهما فيمضي بسلاسله وأغلاله حتى يقتحمها .
وأما الآخر فيمضي وهو يتلفت .
فيأمر بردهما فيقول : للذي غدا بسلاسله وأغلاله حتى اقتحمها ما حملك على ما فعلت وقد اختبرتها
فيقول يا رب قد ذقت من وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيا.
( انتهى الأمر قد فهم الدرس عرف عقوبة المعصية ، فخاف أن يخالف أمر الله تعالى ، حتى اقتحم النار ، وهو يدري أي شيء هي النار ، لكن المعصية شؤم ، فقرر أن لا يعود لشيء من هذا ، فهل نفهم الدرس من الآن ؟ حتى لا نتعرض للعذاب )
ويقول للذي مضى وهو يتلفت : ما حملك على ما صنعت ؟
قال : لم يكن هذا ظني بك يا رب .
قال : فما كان ظنك ؟
قال : كان ظني حيث أخرجتني منها أنك لا تعيدني إليها .
قال إني عند ظنك بي وأمر بصرفهما الى الجنة .
الله أكبر .. الله أكبر ... الله أكبر ... ولله الحمد ، نعم الرب ربنا ، ونعم الإله أحبه وأخشاه .
فاللهم اجعلنا نحسن الظن فيك ، ولا نكون من المغرورين الذين يتكلون على عفوك ولا يعملون ، ولا من أصحاب الأماني الجوفاء ، الذي يقولون : نريد الجنة ولا يقدمون ثمنها من البذل والإنفاق في سبيلك .
اليوم مع كل عبادة من ذكر ودعاء وقراءة قرآن وسجود وصيام وقيام وبر وصلة أرحام واجتهاد : تذكروا " جنة حسن الظن " وتعالجوا بها من رياح الإحباط التي عكرت صفو الإيمان بفعل أولياء الشيطان .
أحبتي ..
تذكروا " فلا تظلموا فيهن أنفسكم "
تذكروا : إنه وقت القرب والله يقول في الحديث القدسي : " لا تباعد مني "
تذكروا : إنها أوقات ثمينة فلا ترضَ بالدنية واغتنمها قبل أن تنقضي .
استدرك ما فاتك ، وأحسن الظن ، عسى أن يبعثنا ربنا من جديد ، ويرزقنا قلوبًا سليمة تحبه وتخشاه .
سنة اليوم :
التكبير عند الخبر السار :
فعن أبي سعيد الخدري قال : قال صلى الله عليه وسلم :" وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا ثم قال : ثلث أهل الجنة فكبرنا ثم قال : شطر أهل الجنة فكبرنا " [ متفق عليه ]
وأظن هذه السنة موافقة لجنَّة ( حسن الظن ) فنلهج بالتكبير الذي أوصانا بالإكثار منه نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه العشر .
ومن دعاء الصالحين أصحاب ( حسن الظن ) :
اللهم أنت تعطيني من غير أن أسألك ، فكيف تحرمني وأنا أسألك ، اللهم إني أسألك أن تسكن عظمتك قلبي ، وأن تسقيني شربة من كأس حبك .
محبكم في الله
هاني حلمي