25‏/10‏/2009

الرسالة الثانية : أزمة اليقين

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..

الأحبة في الله ..

أسأل الله تعالى أن يجمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، ويجعل لنا نورًا نمشي به في الناس على صراط مستقيم .

أحبتي ..

تفكرت كثيرا في مشاكلنا الإيمانية ، ويشغل بالي منذ زمان التنقيب عن أصول آفاتنا ، وكلما تأملت أحوالنا يبدو لي الكثير من مظاهر الانحراف عن الجادة ، فهذا يشكو قسوة قلبه ، وهذا يشكو تذبذب حاله ، وهذه تقول : آفتي في نفسي لا أعرفها ، وهذه تفوح رائحة الكبر في حديثها وكلامها ، ولكن بدا لي أنَّ من أخطر ما يعيشه المسلمون الآن " أزمة اليقين "

أحبتي ..

هل عندكم يقين بأن العشر الأول من ذي الحجة هي أعظم أيام الدهر ، وهي أفضل أيام العام ، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من العمل فيما سواها حتى موسم رمضان نفسه ، ستقولون : بالتأكيد

وأقول : فرق بين المعرفة بالشيء ، والتصديق به ، واليقين به ، نحن نعرف هذا ، وقد نصدق خبر المعصوم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا نوقن ، لأنَّ اليقين يتبعه رد فعل ، يتبعه استعداد خاص ، واهتمام بالغ ، وحرص شديد ، وهمة عالية ، وتطبيق في أرض الواقع
فمن منكم يدري أنَّ هذا الموسم لم يتبق عليه إلا قرابة أربع وعشرين يومًا فأين العدة التي كانت عند بعضنا قبل رمضان ؟

إنني أريد من خلال هذه الدورة أن أغرس غرس اليقين في قلب كل واحد منَّا ليخرج منها متخلصًا من أزمته ، من شكه ، من تذبذبه ، من التفاته ، من غفلته .

أحبتي ..

تاملوا هذا الحديث فهو ركن هذه الدورة وشعارها الساطع " على اليقين كنت "



روى ابن ماجه وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت يصير إلى القبر . فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف .

ثم يقال له فيم كنت ؟ فيقول كنت في الإسلام .
فيقال له ماهذا الرجل ؟ فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه .
فيقال له هل رأيت الله ؟ فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله .

فيفرج له فرجة قبل النار . فينظر إليها يحطم بعضها بعضا . فيقال له انظر إلى ما وقاك الله .

ثم يفرج له قبل الجنة . فينظر إلى زهرتها وما فيها . فيقال له هذا مقعدك . ويقال له على اليقين كنت . وعليه مت . وعليه تبعث إن شاء الله .

ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا . فيقال له فيم كنت ؟ فيقول لا أدري . فيقال له ماهذا الرجل ؟

فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلته . فيفرج له قبل الجنة . فينظر إلى زهرتها وما فيها . فيقال له انظر إلى ماصرف الله عنك . ثم يفرج له فرجة قبل النار . فينظر إليها . يحطم بعضها بعضا . فيقال له هذا مقعدك . على الشك كنت . وعليه مت . وعليه تبعث إن شاء الله تعالى "


هذا سبب النجاة " على اليقين كنت "

فتعالوا نأخذ أول درس عملي لغرس اليقين :


(1) كان من دعائه صلى الله عليه وسلم أن يقول : "

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا " [ رواه الترمذي بإسناد حسن ]

[JUSTIFY]فادع الله بذلك ، وتعالوا ندعو أن يبلغنا العشر الأول من ذي الحجة ، اللهم بلغناها وأنت راضٍ عنَّا ، وسلمها لنا ، سلمنا فيها ، وتسلمها منَّا متقبلة .

(2) أرجو الاستماع لمحاضرة :


أعظم أيام الدهر ، والاعتناء بتلخيص المقالات منها ، وبطباعة مطويتها ، ونشرها في الآفاق من الآن من باب الإعداد الدعوي لها .



(3) وأرجو كذلك : التدريب على أعمال العشر من الآن ، ومن أهم ذلك عبودية الذكر " فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير " فسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .


وتطهير القلب ليصلح فيه غرس اليقين ، بكثرة الاستغفار ، وتجديد التوبة . عسى أن يبعثنا ربنا مقامًا محمودا .

حكمة رسالة اليوم :

قال أهل التفسير : في قوله تعالى " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " كلما جددوا لهم خطيئة جددنا لهم نعمة فأنسيناهم الاستغفار ، فاحذروا من الاستدراج تكملة لرسالتنا الأولى .

ملاحظة :

أرجو أن تهتموا أكثر برسائل ذي القعدة ، لأني لا أرى الاهتمام الذي ينبغي ، في ظل غفلة ما بعد رمضان ، فوصيتي فقط " اهتموا بنشرها أكثر "

والله يتولى عباده ويدبر لهم ، اللهم خذ بناصيتنا للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى