31‏/10‏/2009

الرسالة الثالثة : وليكون من الموقنين

الرسالة الثالثة : وليكون من الموقنين


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ...

الأحبة في الله تعالى ..

أسأل الله تعالى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه ، ومن طاعته ما يبلغنا به جنته ، ومن اليقين ما يهون علينا به مصائب الدنيا ، متعنا ربنا بأسماعنا وابصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منَّا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل في قلوبنا حبًا إلا لك ، ولا تعلقًا إلا بك

أحبتي ..

هل تذكرون شعار هذه الدورة


نعم " على اليقين كنت " ـ


نعم نجتمع لنتداوى من الشبهات القاطعة بيننا وبين ربنا ، لنغرس غرس اليقين في قلوبنا ، لتطمئن قلوب ، ولتزكو أنفس ببلسم اليقين الشافي ، لندخل زمان العشر بعدة إيمانية جديدة ، أساسها ليس مجرد معرفة الفضل ، أو التصديق بصدق الوعد من قبل الله ورسوله بعظيم الأجر لمن يجتهد في هذه الأيام العشر ، ولكن بيقين يبعث على العمل ، وينفض الكسل ، ويحيي في القلب ما مات ، ويعيدنا للصراط المستقيم

تعالوا نتدارس أسباب اليقين :ـ

ومن أعظمها : عبودية التفكر


قال تعالى :ـ


" وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ "


[الأنعام : 75 ]

والتفكر المنشود هنا ثلاث :

(1)


التفكر في أسماء الله وصفاته .

(2)


التفكر في النفس :ـ


" وفي أنفسكم أفلا تبصرون "

(3)


التفكر في الرسائل الربانية


"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "


[ الإسراء : 15 ]

ونبدأ بالتفكر في الاسماء والصفات وكيف نغرس به غرس اليقين :ـ

تعالوا نتأمل اسمًا جميلاً كاسمه


" اللطيف جل وعلا "


ونتعبد ربنا به ، ونعرف ونصدق ثم نوقن بمعاني هذا الاسم في حياتنا

قال اهل العلم : إنَّ اللطف في اللغة يدور حول ثلاث معانٍ : الرقة والحنان والرفق

واللطف في حقه تعالى :ـ

هو الذي اجْتَمع له العِلْمُ بدَقَائق المصَالح وإيصَالها إلي مَن قدّرها له مِن خَلْقه


والرّفْق في الفِعْل والتنفيذ ، يُقال لَطَف به وله ( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ) لطف بهم


وقال : ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ) لطف لهم .

والله لطيف بعباده رفيق بهم قريبٌ منهم ، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان


ويدعو المخالفين مهما بلغ بهم العصيان إلى التوبة والغفران


فالله لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم لا يخفى عليه شيء مما في صدورهم


( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) (الملك :14)

قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ


أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (لقمان16) ـ

وهو الذي يسر لهم أمورهم ويستجيب دعاءهم


فهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون


نعمته سابغة ظاهرة لا ينكرها إلا الجاحدون


وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون :ـ


( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ )


(الحج63)


( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ )


(الشورى19)


كما أنه يحاسب المؤمنين حسابا يسيرا بفضله ورحمته


أو يحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته ـ

ومن أجمل ما قرأت في معاني لطفه :ـ

ما ذكره السلمي : أنَّ اللطيف هو الذي ينسى العباد في الآخرة ذنوبهم لئلا يتحسروا ـ

واللطيف هو الذي لطف بعباده حتى يعرفوه

استشعروا معي هذا اللطف ، وتحببوا إلى ربكم ، وذاكروا هذه المعاني


واكتبوا في دفتر خاص ، مشهد واقعي من مشاهد لطف الرحمن بكم


ودللوا على فهمكم بأن تتوبوا لربكم من ذنب تفعلوه لجهلكم به


وقولوا لأنفسكم : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف ، فحقه أن لا أختار مع اختياره


وأرضى بما يعاملني ، فنحن له عبيد يفعل بنا ما يريد

تعالوا ندعو ربنا بأن يلطف بنا ، فاللهم الطف بي في تيسير كل عسير


فإن تيسير كل عسير عليك يسير ، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة

تعبدوا الله باسمه اللطيف ، وترقبوا رسالتنا القادمة مع كلام ماتع لابن القيم في


اللطف الرباني ليزداد الذين آمنوا إيمانًا

لا تنسوا :ـ

اللهم تقبل منا رمضان ، وسلم لنا أيام عشر ذي الحجة ، وسلمنا فيها ، وتسلمها منَّا متقبلة

اللهم إن كتبتنا في الحجيج هذا العام فمنَّا منك وفضلاً


وإن حُرمنا فقد حبسنا العذر فلا تحرمنا ربنا الأجر









وكتبه

محبكم في ربكم

هاني حلمي