الأكل باليد اليسرى
فإنه يجب أن يُعَرّف المستخدم لشماله في الأكل والشّرب بالحكم الشّرعي ويُذكّر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لما أَكَلَ رجل عنده بِشِمَالِهِ فَقَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لا أَسْتَطِيعُ قَالَ لا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلا الْكِبْرُ قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيه ". رواه مسلم 3776 وفي رواية الدارمي : " فما وصلت يمينه إلى فيه " فحصل الشلل لذلك الرجل بدعاء النبي عليه قال النووي رحمه الله : وفي هذا الحديث : جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر , وفيه : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل , واستحباب تعليم الآكل آداب الأكل إذا خالفه ، ويعلّم أيضاً أن الشيطان يأكل بشماله ، لحديث : " إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ، وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله " رواه مسلم 3764 ، فالشيطان يأكل بالشّمال والآكل بشماله متشبّه بالشّيطان بل يشاركه الشيطان في طعامه ، فقد جاء عند أحمد بسند حسن عن عائشة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : " من أكل بشماله أكل معه الشيطان . " تحفة الأحوذي شرح حديث 1721 ، ثمّ إن الشّمال ينبغي أن تُترك لإزالة المستقذرات من مثل الاستنجاء والاستنثار بإخراج الماء من الأنف ونحو ذلك من عمليات التنظيف وإزالة الأوساخ والقاذورات فكيف يجعل الإنسان أداة إزالة القاذورات والنجاسات هي أداة طعامه الذي يدخل فمه .
وقد جاء عن حفصة رضي الله عنها زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ . " رواه أبو داود رقم 30
قال النووي رحمه الله : هذه قاعدة مستمرة في الشرع وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف ، ودخول المسجد ، والسواك ، والاكتحال ، .. وترجيل الشعر ، .. وحلق الرأس ، والسلام من الصلاة ، وغسل أعضاء الطهارة ، والخروج من الخلاء ، والأكل والشرب والمصافحة ، واستلام الحجر الأسود وغير ذلك ، ومما هو في معناه يستحب التيامن فيه . وأما ما كان بضده ، كدخول الخلاء ، والخروج من المسجد ، والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك ، فيستحب التياسر فيه ، وذلك كله لكرامة اليمين وشرفها .
وقد يكون في بعض النّاس علّة حقيقية تمنع استعمال اليد اليمنى كإصابتها بالشلل ونحوه فعند ذلك يكون الشّخص معذورا ولا حرج عليه ، قال النووي رحمه الله : فإن كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمين من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة ..