بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
حَدِيثُ يَوْم / الأحد والاثنين + في وجوب التوبة
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
الْحَمْدُ لله الَّذِيْ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتْ
جمعت لكم حديث يوم الأحد والاثنين في موضوع واحد
(في ختام الشهر)
الحديث الأول: في وجوب التوبة.
عن الأغرّ بن يسار المزني – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يا أيها الناس. توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة"([1])
[رواه مسلم].
* * *
الحديث دليل على وجوب التوبة على كل إنسان؛ لأن هذا أمر والأمر للوجوب، قال تعالى:
}وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون{([2]).
وقال تعالى: }وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه{([3]).
ولابد لكل عبد من توبة. فإن الإنسان لا يخلو من معصية أو تقصير في طاعة الله تعالى. والتوبة كما تكون من فعل السيئات تكون من ترك الحسنات المأمور بها.
فعلى المسلم أن يختم شهره بالتوبة على الله تعالى، والإنابة إليه. فيفعل ما يحبه مولاه، ويترك ما لا يرضاه. ويستدرك في بقية شهره ما فاته في أوله.
والتوبة واجبة على الفور، لا يجوز تأخيرها، سواء كانت المعصية صغير أو كبيرة، لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت؛ ولأن السيئات تجر أخواتها. وذلك إصرار على المعصية، يوجب قسوة القلب، وبعده عن الله تعالى. كما يوجب ضعف الإيمان؛ لأنه يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان.
وللتوبة النصوح التي أمر الله بها شروط خمسة وهي:
1) الإخلاص: بأن تكون توبته خالصة لوجه الله تعالى، لا يريد بها شيئاً من أغراض الدنيا ولا تزلّفاً عند مخلوق. بل يتوب من الذنب طاعة لله عز وجل. ومحبة له وتعظيماً، راجياً ثوابه، خائفاً من عقابه.
2) أن يكف ويترك المعصية التي كان متلبساً بها، فإن كانت فعل محرم أقلع عنه في الحال.
3) ومن شروط التوبة أن يندم على فعل المعصية ويتمنى أن لم يفعلها لأجل أنه يورث له ذلك ذلاً وانكساراً بين يدي الله تعالى.
4) أن يعزم أن لا يعد إليها أبداً. وهذه ثمرة التوبة. وهي الدليل على صدق صاحبها.
5) أن تكون التوبة في وقتها المقدر فإن كانت بعد نهايته لم تقبل، وقد دل على ذلك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه"([4]) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"([5]) أي: ما لم تبلغ روحه حلقومه. فيكون بمنـزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض.
فالبدار البدار إلى التوبة قبل الفوات. والحذر الحذر من التسويف فالكل لا يدري متى الموت؟
اللهم يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة، ارزقنا التوبة إليك والإنابة، وأيقظنا يا مولانا من نوم الغفلة، ونبهنا لاغتنام أوقات المهلة، اللهم اجعلنا ممن توكل عليك فكفيته، واستهداك فهديته، واستنصرك فنصرته، وتضرع إليك فرحمته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد
([1]) صحيح مسلم رقم (2702) (42).
([5]) أخرجه الترمذي (3537) وأحمد (6160) وابن ماجة (4253) من طريق علي بن عياش عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. وعبد الرحمن قال عنه في التقريب: صدوق يخطئ. فالإسناد حسن، كما قال الترمذي: ووقع عند ابن ماجة (عبد الله بن عمرو) وهو وهم، كما قال المزي في تحفة الأشراف (5/328).