بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
حَدِيثُ الْيَوْم / الثلاثاء + في زكاة الفطر
(في ختام الشهر)
الحديث الثاني: في زكاة الفطر.
(نأسف على الإطالة ولكن الموضوع مهم جداً)
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة"([1])
[رواه البخاري ومسلم].
*** *** *** *** ***
الحديث دليل على وجوب زكاة الفطر، على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين، طهرة للصائم مما يكدّر صومه وينقص ثوابه. وطعمة للمساكين في يوم الفرح والسرور، وفيها الاتصاف بالكرم والمساواة. وفيها إظهار شكر نعمة الله بإتمام الصيام والقيام، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة.
ومقدار زكاة الفطر: صاع من طعام من بر أو شعير، أو تمر أو زبيب، أو أقط، أو ما يقوم مقامها من قوت البلد كالأرز. ومقدار صاع كيلوان وربع الكيلو من الجيد.
ويخرجها قبل صلاة العيد هذا هو الأفضل. ويجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين، لفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم. قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن زكاة الفطر قبل الصلاة؟ قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يخرجها قبل الفطر بيوم أو يومين وهو الذي روى الحديث([2]) أ هـ.
ويخرجها في البلد الذي يوافيه تمام رمضان وهو فيه. فإن أخرها عن صلاة العيد بلا عذر لم تقبل منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"([3]).
وإذا لم يعلم بالعيد إلا بعد الصلاة، أو كان وقت إخراجها في برّ أو بلد ليس فيه مستحق أجزأ إخراجها بعد الصلاة.
ولا يجوز دفع القيمة بدل الطعام؛ لأنه خلاف المنصوص. قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع، يعطي دراهم؟ قال: أخاف أن لا يجزئه. خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم([4]).
ويخرجها الإنسان عن نفسه وعمن تلزمه نفقته كزوجته وأولاده إذا لم يستطيعوا أن يخرجوها عن أنفسهم. فإن استطاعوا أخرجوها؛ لأنهم هم المخاطبون بها، كما في حديث ابن عمر المتقدم.
وعلى الإنسان أن يتأكد من استحقاق آخذها. فإن من الناس من جرت عادته بدفع زكاته وزكاة أهل بيته على شخص معين لغرض من الأغراض، وهذا لا يجوز، فإن الزكاة حق لله تعالى لا تجوز المحاباة فيه، وقد تكون حالة هذا الشخص تغيرت، فصار غير مستحق لها.
ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخص أن يدفعها زكاة عن نفسه أو أحد عائلته إذا تأكد من كيلها.
ولا يجوز للإنسان إخراج الردئ في الزكاة؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. قال تعالى: }يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد{([5]).
فأمر الله تعالى بإعطاء الجيد، ونهى عن الردئ، والإنسان لا يرضى الردئ يدفع إليه عن حق واجب، فكيف يرضاه الله تعالى؟!
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد
([1]) أخرجه البخاري (3/367)، ومسلم (984).
([2]) مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص85.
([3]) رواه أبو داود (5/3) والنسائي (5/50) وابن ماجة (1827) وغيرهم وهو حديث حسن، حسنه النووي في المجموع (6/126)، ومن قبله ابن قدامة في المغني (4/284)، وانظر الإرواء (3/332).
([4]) مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص85، وانظر: المغني (4/295).