بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
حَدِيثُ الْيَوْم / من مات وعليه صيام + الختام
(نأسف ع الإطالة فـ الموضوع مهم جداً)
(ما بعد رمضان)
الحديث الرابع (الأخير): من مات وعليه صيام.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من مات وعليه صيام صام عنه وليه"([1])
[رواه البخاري ومسلم]
*** *** ***
الحديث دليل على أن من مات وعليه صوم واجب فإنه يشرع لوليه أن يقوم بقضاء الصوم عن قريبه؛ لأنه إحسان إليه وبر وصلة، ويبرأ به إن شاء الله.
والحديث عام في كل صوم واجب على الميت. سواء كان واجباً بالشرع كصوم رمضان، أو واجباً بالنذر، وهذا على أحد القولين. وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر. أفأصوم عنها؟، قال صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو كان على أمّك دين فقضيتيه أكان ذلك يؤدى عنها؟". قالت: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: "فصومي عن أمك".
وفي رواية قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟، فقال صلى الله عليه وسلم: "لو كان على أمّك دين أكنت قاضيه؟" قال: نعم، قال صلى الله عليه وسلم "فدين الله أحق أن يقضى").
وفي رواية قال: إن أختي ماتت([2]).
فهذه الروايات تفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم النذر، وسئل عن صوم شهر. وهو محتمل أن يكون رمضان أن يكون نذراً، وفي كلها يقول: (فدين الله أحق أن يقضى) مما يدل على تعدد الواقعة. وأن حديث ابن عباس فرد من أفراد القاعدة العامة التي دل عليها حديث عائشة رضي الله عنها، وأنه في كل صيام وجب على الميت وتمكن في حياته من قضائه ولم يصمه، فهذه الأفراد صور مستقلة سأل عنها من وقعت له. وفي كل صورة يأتي الجواب بالأمر بالقضاء.
والمراد بالولي في الحديث: وارثه أو قريبه. والوارث أولى القرابة وهذا الأمر في الحديث على قول الجمهور أمر استحباب وارشاد لا أمر ايجاب، إذ لو قلنا بالإيجاب للزم أن يأثم الولي بعدم صيامه عن الميت، وهذا غير صحيح؛ لقوله تعالى: }ولا تزر وازرة وزر أخرى{([3]).
ويؤيد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاسه على الدين، ومن المعلوم أن الإنسان ليس مطالباً بقضاء دين غيره إلا من باب البر والصلة والإحسان. لأن الأصل براءة الذمم. فينبغي للقريب أن يصوم عن قريبه.
ولو صام عدد من الأشخاص بعدد الأيام أجزأ، قال البخاري: قال الحسن: (إن صام عنه ثلاثون رجلاً يوماً واحداً جاز)([4]).
وإذا لم يصم القريب عن الميت فإنه يطعم عنه من تركته عن كل يوم مسكيناً، لكل مسكين مدّ برّ من البر الجيد، ومقداره (563) جراماً تقريباً، لأنه دين تعلق بتركته، ودين الله أحق أن يقضى. وإن جمع الولي مساكين بعدد الأيام التي على الميت وأشبعهم جاز، لما ورد عن أنس رضي الله عنه أنه ضعف عن الصوم عاماً فصنع جفنة ثريد ودعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم([5])، فإن لم يكن له تركة وتبرع أحد بالإطعام عنه أجزأ، وإن لم يتبرع أحد عنه فأمره إلى الله تعالى. والله أعلم.
اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واجعل صومنا مقبولاً، وثواب أعمالنا موفوراً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وأخيراً نشكر فضيلة الشيخ/ عبد الله بن صالح الفوزان – على ما قدمه لنا من:
أحاديث الصيام
أحكام وآداب
تأليف
عبد الله بن صالح الفوزان
المدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
فرع القصيم
ونشكر أخونا في الله/ خالد العنزي – على إعطائي هذا الكتاب الذي انتفعنا به بإذن الله كثيراً كثيراً.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياهم في الفردوس الأعلى، وأن يغفر لنا جميعاً جميع الذنوب والخطايا إنه هو الغفور الرحيم.
(سبحانك اللهم وبحمدك وأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)
(اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا)
إلى أن ألقاكم بعد أسبوع أو أسبوعين بمشيئة الله تعالى لتكملة ما بدأنا من قبل في سلسلة العقيدة الإيمانية ولكن أحتاج كما قلت لكم إلى أسبوعين أو ثلاث لتحضير الدروس وترتيبها وتنسيقها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
([1]) أخرجه البخاري (4/192) ومسلم (1147)، وعند البزار زيادة: (إن شاء)، حسنها الهيثمي في المجمع (3/179) وقال الحافظ في التلخيص (2/221): (وهي ضعيفة لأنها من طريق ابن لهيعة) يعني بذلك أنه تفرد بها وهو ضعيف، والله أعلم.
([2]) حديث ابن عباس في البخاري (4/192) ومسلم (1148) وعند أحمد في المسند بلفظ: (وعليها صوم شهر) (1/362)، وانظر: فتح الباري (4/194)، وانظر: تحقيق أحمد شاكر للمسند رقم الحديث 3420.