13‏/12‏/2010

آيات اليوم 116

 


 

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( سلسلة تـفـسـيـر وتـحـفـيـظ الـقـرآن الـكـريـم )

[ آيـــات الــيــوم(116) ]



الأثنين(07/محرم/1432هـ) – (13/12/2010م)

سورة النساء الآية: (24-28)
 اللَّهُمَّ اْرْحَمْنيِ بالقُرْءَانِ وَاْجْعَلهُ لي إِمَاماً وَ نُوراً وَهُدى وَرَحْمَه

وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)

معنى الآيات


ما زال السياق في بيان ما يحرم من النكاح وما يجوز ففي الآية (24) عطف تعالى على المحرمات في المصاهرة المرأة المتزوجة فقال {والمحصنات} أي ذوات الأزواج فلا يحل نكاحهن إلا بعد مفارقة الزوج بطلاق أو وفاة، وبعد انقضاء العدة أيضاً واستثنى تعالى من المتزوجات المملوكة باليمين وهي المرأة تسبى في الحرب الشرعية وهي الجهاد في سبيل الله فهذه من الجائز أن يكون زوجها لم يمت في الحرب وبما أن صلتها قد انقطعت بدار الحرب وبزوجها وأهلها وأصبحت مملوكة أذن الله تعالى رحمة بها في نكاحها ممن ملكها من المؤمنين.ولذا ورد أن الآية نزلت في سبايا أوطاس وهي وقعه كانت بعد موقعة حنين فسبي فيها المسلمون النساء والذراري، فتحرّج المؤمنون في غشيان أولئك النسوة ومنهن المتزوجات فإذن لهم غشيانهنّ بعد أن تسلم إحداهن وتستبرأ بحيضة، أما قبل إسلامها فلا تحل لأنها مشركة، هذا معنى قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم} وقوله: {كتاب الله عليكم} يريد ما حرمه تعالى من المناكح قد كتبه على المسلمين كتاباً وفرضه فرضاً لا يجوز إهماله أو التهاون به. فكتابَ الله منصوب على المصدرية.
وقوله تعالى: {وأحل الله لكم ما وراء ذلكم} أي ما بعد الذي حرمه من المحرمات بالنسب وبالرضاع وبالمصاهرة على شرط أن لا يزيد المرء على أربع كما هو ظاهر قوله تعالى في أول السورة {مثنى وثلاث ورباع} وقوله تعالى {أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} أي لا حرج عليكم أن تطلبوا بأموالكم من النساء غير ما حرّم عليكم فتتزوجوا ما طاب لكم حال كونكم محصنين غير مسافحين، وذلك بأن يتم النكاح بشروطه من الولي والصداق والصيغة والشهود، إذ أن نكاحاً يتم بغير هذه الشروط فهو السفاح أي الزنى وقوله تعالى {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} يريد تعالى: أيما رجل تزوج امرأة قبل البناء فليس لها إلا نصف المهر المسمى، وإن لم يكن قد سمى لها فليس لها إلا المتعة، فالمراد من قوله {فما استمتعتم به منهن} أي بنيتم بهن ودخلتم عليهن. وقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفرضة} يريد إذا أعطى الرجل زوجته ما استحل به فرجها وهو المهر كاملاً فليس عليهما بعد ذلك من حرج في أن تسقط المرأة من مهرها لزوجها، أو تؤجله أو تهبه كله له أو بعضه إذ ذاك لها وهي صاحبته كما تقدم {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً}[النساء/4]. وقوله تعالى: {إن الله كان عليماً حكيماً} المراد منه إفهام المؤمنين بأن الله تعالى عليم بأحوالهم حكيم في تشريعه لهم فليأخذوا بشرعه ورخصه وعزائمه فإنه مراعى فيه الرحمة والعدل، ولنعم تشريع يقوم على أساس الرحمة والعدل.هذا ما تضمنته الآية (24) أما الآية (25) وهي قوله تعالى:{ومن لم يستطع منكم طولاً...} فقد تضمنت بيان رحمة الله تعالى المؤمنين إذ رخص لمن لم يستطع نكاح الحرائر لقلة ذات يده، مع خوفه العنت الذي هو الضرر في دينه بالزنى، أو في بدنه بإقامة الحد عليه رخص له أن يتزوج المملوكة بشرط أن تكون مؤمنة، وأن يتزوجها بإذن مالكها وأن يؤتيها صداقها وأن يتم ذلك على مبدأ الإِحصان الذي هو الزواج بشروطه لا السفاح، الذي هو الزنى العلني المشار إليه بكلمة {غير مسافحات} ، ولا الخفيّ المشار إليه بكلمة {ولا متخذات أخدان} أي أخلاء هذا معنى قوله تعالى {ومن لم يستطع منكم طولاً} أي قدرة مالية أن ينكح المحصنات أي العفائف من {فتياتكم المؤمنات} أي من إمائكم المؤمنات لا الكافرات بحسب الظاهر أما الباطن فعلمه إلى الله ولذا قال: {والله أعلم بإيمانكم} وقوله {بعضكم من بعض} فيه تطييب لنفس المؤمن إذ تزوج للضرورة الأمة فإن الإِيمان تذهب الفوارق بين المؤمنين وقوله: {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات} فيه بيان للشروط التي لا بد منها وقد ذكرناها آنفاً. وقوله تعالى: {فإذا أحصن} - أي الإِماء - بالزواج وبالإِسلام {فإن أتين بفاحشة } أي زنين فعليهن حد هو نصف ما على المحصنات من العذاب وهو جلد خمسين جلدة وتغريب ستة أشهر، لأن الحرة إن زنت وهي بكر تجلد مائة وتغرب سنة. أما الرجم والذي هو الموت فإنه لا ينصف فلذا فهم المؤمنون في تنصيف العذاب أنه الجلد لا الرجم والذي لا خلاف فيه وقوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم} يريد أبحت لكم ذلك لمن خاف على نفسه الزنى إذا لم يقدر على الزواج من الحرة لفقره واحتياجه وقوله تعالى: { وأن تصبروا... } أي على العزوبيَّة خير لكم من نكاح الإِماء. وقوله {والله غفور رحيم} أي غفور للتائبين رحيم بالمؤمنين ولذا رخَّص لهم في نكاح الإِماء عند خوف العنت، وأرشدهم إلى ما هو خير منه وهو الصبر فلله الحمد وله المِنَّة.
هداية الآيات
1- تحريم المرأة المتزوجة حتى يفاقها زوجها بطلاق أو موت وحتى تنقضي عدتها.
2- جواز نكاح المملوكة باليمين وإن كان زوجها حيّاً في دار الحرب إذا أسلمت، لأن الإِسلام فصل بينهما.
3- وجوب المهور، وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها شيئاً.
4- جواز التزوج من المملوكات لمن خاف العنت وهو عدم القدرة على الزواج من الحرائر.
5- وجوب إقامة الحد على من زنت من الإِماء إن أُحْصِنَّ بالزواج والإِسلام.
6- الصبر على العزوبة خير من الزواج بالإِماء لإِرشاد الله تعالى إلى ذلك.


يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)

معنى الآيات

لما حرم تعالى ما حرم من المناكح وأباح ما أباح منها علل لذلك بقوله {يريد الله} أي بما شرع ليبيّن ما هو نافع لكم مما هو ضار بكم فتأخذوا النافع وتتركوا الضار، كما يريد أن يهديكم طرائق الصالحين من قبلكم من أنبياء ومؤمنين صالحين لتسلكوها فتكلموا وتسعدوا في الحالتين، كما يريد بما بين لكم أن {يتوب عليكم} أي يرجع بكم من ضلال الجاهلية إلى هداية الإِسلام فتعيشوا على الطهر والصلاح، وهو تعالى عليم بما ينفعكم ويضركم حكيم في تدبيره لكم فاشكروه بلزوم طاعته، والبعد عن معصيته.هذا ما تضمنته الآية (26) أما الآية (27) فقد تضمنت الإِخبار بأن الله تعالى يريد بما بيّنه من الحلال والحرام في المناكح وغيرها أن يرجع بالمؤمنين من حياة الخبث والفساد التي كانوا يعيشونها قبل الإِسلام إلى حياة الطهر والصلاح في ظل تشريع عادل رحيم. وأنَّ الذين يتَّبعون الشهوات من الزناة واليهود والنصارى وسائر المنحرفين عن سنن الهدى فإنهم يريدون من المؤمنين أن ينحرفوا مثلهم فينغمسوا في الملاذ والشهوات البهيمية حتى يصبحوا مثلهم لا فضل لهم عليهم، وحينئذ لا حق لهم في قيادتهم أو هدايتهم. هذا معنى الآية (27) أما الآية (28) فقد أخبر تعالى أنه بإباحته للمؤمنين العاجزين عن نكاح الحرائر نكاح الفتيات المؤمنات يريد بذلك التخفيف والتيسير عن المؤمنين رحمة بهم وشفقة عليهم لما يعلم تعالى من ضعف الإِنسان وعدم صبره عن النساء بما غرز فيه من غريزة الميل إلى أنثاه فحفظ النوع ولحكم عالية وقال تعالى: {يريد الله أن يخفف عنكم وخُلِقَ الإِنسان ضعيفاً}.

هداية الآيات
1- منّة الله تعالى علينا في تعليله الأحكام لنا لتطمئن نفوسنا ويأتي العمل بانشراح صدر وطيب خاطر.
2- منة الله تعالى على المؤمنين بهدايتهم إلى طرق الصالحين وسبيل المفلحين ممن كانوا قبلهم.
3- منتة تعالى في تطهير المؤمنين من الأخباث وضلال الجاهليات.
4- الكشف عن نفسية الإِنسان، إذ الزناة يرغبون في كون الناس كلهم زناه والمنحرفون يودون أن ينحرف الناس مثلهم، وهكذا كل منغمس في خبث أو شر أو فساد يود أن يكون كل الناس مثله، كما أن الطاهر الصالح يود أن يطهر ويصلح كل الناس.
5- ضعف الإِنسان أمام غرائزه لا سيما غريزة الجنس.




وصلة الوورد






إلى اللقاء في الآيات القادمة