أيُّها الأبرارُ الأكارم! ما أحوجَ أمَّةَ الإسلامِ اليوم إلى رجالٍ تتوفَّرُ فيهِم صِفاتُ التأثيرِ وأخلاقُ القِيادة..بل هيَ بحاجةٍ إلى أن تستعيدَ صدارتَها بينَ الأمم عبرَ أناسٍ يتمتَّعونَ بنُضجِ الذهنِ وانقِداحِ الحِكمة والبصيرةِ.

إنَّ هذهِ القضيَّة - أعني صناعةَ القادة - يجب أن تكونَ في قائمةِ الأولويَّاتِ ورأسِ الاهتمامات عندَ العظماءِ والمُصلحين، وينبغي على الدُّعاةِ العاملين والمربِّينَ الناجحين أن يُهيِّئوا للأمَّةِ قادةً أفذاذاً لا يعرفونَ معنىً للعجزِ والكسل، ولا يُعيقُهم عائقٌ عنِ البذلِ والعطاء، لا يعرفونَ للراحةِ طعماً أو للخَوَرِ سبيلاً.
لا تحسبنَّ المجدَ تمراً أنتَ آكلُهُ لن تبلُغَ المجدَ حتى تلعَقَ الصبِرا
وليسَ ذلك على اللهِ ببعيد فالأمّةُ – بحمدِ الله – معطاءةٌ ولود، وقد كتبتُ هذهِ الهمسات لِتكونَ مُعيناً على ذلِك، جمعتُها من هنا وهناك، وانتقيُتُها بِعنايةٍ لِتكونَ مُعينةً لي أولاً ولكلِّ من يراها من إخوتي.

أسأل الله أن يفتَحَ لها قلوباً مؤمنة، وأن تكونَ نبراساً ومفتاحاً لكلِّ من رامَ القيادةَ وتطلَّعَ للتأثيرِ والرِّيادة:



وقد طبَّقَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم هذا المبدأ مع شخصِ أبي سُفيانَ رضيَ اللهُ عنهُ عامَ الفتح قالَ العبَّاسُ رضيَ اللهُ عنه: " يا رسولَ الله إنَّ أبا سفيان رجلٌ يُحبُّ الفخر، فاجعل لهُ شيئاً، قال: نعم. من دخلَ دارَ أبو سفيان فهوَ آمن... " الحديث.


ألم يقُمِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليِهِ وسلَّم ليلةً يقرأُ قولَ الله (( إن تُعذِّبهم فإنهم عبادُك وإن تغفِر لهم فإنك أنتَ العزيزُ الحكيم )) فرفع يديه وقال: اللهم أمَّتي أمَّتي وبكى.
وقد قيلَ للأحنف: من السيِّد؟فقال: الذليلُ في نفسه، الأحمقُ في مالِه، المعنيُّ بأمرِ قومِه، الناظر للعامة.


قالَ الأحنفُ بنُ قيس: كثرةُ الخصومة تُنبِتُ النِّفاقَ في القلب.


(( قل أذُنُ خيرٍ لكم يُؤمنُ بالله )) أي: نعم هوَ يستمعُ لكم ، ولكن نعمَ الأذنُ هو ؛ لكونه يسمعُ الخيرَ ولا يسمعُ الشرّ.

قالَ سعيدُ بنُ المسيِّب: منِ استغنى بالله اِفتقرَ الناسُ إليه.

أيُّها الأكارمُ: هذهِ قَطراتٌ من ينبوع، وفيضٌ من غيْض، فهذا الموضوعُ الكبير لا تُوفيهِ هذهِ الأسطُرِ حقَّه، إنَّما هيَ مفاتيحٌ وإشاراتٌ سريعة.
ومن أحبَّ الاستزادة فأوصيهِ بهذينِ الكِتابين:
الأول: كيفَ تُصبِحُ قائداً؟ لمؤلِّفه: خالد أبو صالِح.
الثاني: أسرارُ القِيادةِ والتأثير؛ لمؤلِّفه : سُليْمان بن عوض قيمان.
وفقني اللهُ وإياكم لِما يُرضيه، واللهُ تعالى أعلمُ وأحكم، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على إمامِ القادة محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته والتابعينَ لهم بإحسان.
عبد الرحمن بن محمد السيد