12‏/6‏/2009

أحبكِ في الله




أخوات صدق تقربن بمحبتهن لله، وعكفت قلوبهم على كتاب الله، وأسبلن دموعهن من خشية الله،

ما زلن إلى المعالي يتسابقن، وفي مصابيح الهداية يشرقن، سمو وارتقاء وخلق ونقاء ومحبة تزداد في كل لقاء.. ومنبع هذا كله الأخوة الصافية أساسها الحب في الله.


انظري إليهن وهن يتحركن فى طاعة الله.. انظري إليهن وهن يتواعدن في عمل خير يقربهن إلى الله.. والله ما جمعهن إلا الحب في الله.. وما ألف بين قلوبهن إلا الحب في الله ولله لا يفرقهن خصام.. ولا يحدث بينهن هجران.. ولا ينزغ بينهن شيطان..

إذا سمعت إحداهن عن أخيتها نميمة وكذب قالت: حاشا لله إنما هذا بهتان.. إذا جاءها عن أخيتها قيل وقال.. قالت معاذ الله هذه وشاية حاسد ومكائد شيطان..

إذا وقفت خصيمة لأخيتها في الله وقد كانت معها في جماعة المصلى والحلقات إذا وقفت تخاصمها تتذكر ولم ينسيها الشيطان ما كان بينهن من حب ووئام.. تذكرت كيف كانت مع أخيتها قبل هذا الخصام.. تذكرت أيام مضت تذكرت معاني الحب في الله..


تذكرت بوقوفها وهي على طريق الالتزام بأنها تعامل الله وأنها ترجو الله والدار الآخرة.. تقف ولسان حالها إني أرجو الله والدار الآخرة.. إني أرجو رضا الله فيك.. فتقولها بقلب مليء بالحب والإيمان..

تعلم أنها وقفت بين يدي أخيتها تخاصمها.. وهي على يقين أن أخيتها وإن أخطأت عليها فهي تحب الله وتحب رسول الله.. فتنظر إليه فتقولها ولا تترد تقولها.. إن كنت قد أخطأت عليك فاعتذر.. فإن الله ربى وربك يصفح ويعذر.. وإن كنت أنت من أخطأ علي فأسأل من نشترك في حبه وعبادته أني قد عفوت عنكِ.. تقولها عفوت عنك لوجه الله.

فكم للحب في الله من دلالات.. وكم فيه من تضحيات..

في داخلي التحمت مشاعر بهجتي بأحبة في شرعة الرحمـن

أحببتهن وسأظل أعلنها لهــن ما عدت قادرة على الكتمان

سأظل يبهرني جميل فعالـهن وأذوق منهن روعة التحنـان

سأظل داعية لهن في غيبهن وتظل حجتنا على الإيمــان

عندما تريدين أن تحبي في الله تذكرى قول الله: ( الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين )، تذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )..

فأين الأنفس التي تعلقت بحب الأوهام من عشق وهوى وإعجاب.. نفس خضعت للحب والشهوات.. وغرقت في بحر الهوى واللذات.. وبنَت قصور الحزن والحسرات.. مسكينة تخالها قصور النعم والجنات.. وما تدري بأنها من إحدى علامات حب الذات.. وبداية الأنانية والانحطاط..

نعم.. هي تلك النفس.. انغمست في طاعة الشيطان.. ونفذت أوامره بكل إتقان.. وغفلت عن رب منان.. رب عظيم رحمن.. رب كريم ذو جنان..

فيا حسرتاه على من أبدلت الحب في الله بحب الأوهام والعشق والإعجاب.. ويا خيبتاه على من لم تجرب الحب في الله الذي سيقودها إلى منابر الرحمن..





الشيخ / مشعل العتيبي

إمام جامع ابن القيم بالجبيل