17‏/8‏/2009

حَدِيثُ الْيَوْم / السبت / + مـهـم جـدا

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا *** من العناية ركناً غير منهدم

لما دعـا الله داعـيـنـا لطاعته *** بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم


استغفر الله – استغفر الله – استغفر الله

فموضوع اليوم بعنوان


(الـغـنـاء والـمـوسـيـقـى)


أخواني – أخواتي في الله.

قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

من هذه الآية نبدأ وننطلق إلى أئمتنا وعلمائنا ومشايخنا لنسألهم عن ما لا نلعم من الأمور الدينية الشرعية، وليعلمونا ويفهمونا ديننا بشكل واضح يسير.

اسمحوا لي أن أوضح لكم (7) أمور أتمنى منكم بل أرجوكم أن تقرؤوها كاملة ليتضح لكم المراد ولكي يتسنى لكم فهم ما نريد التوصل إليه ولكي يكون عندكم قناعة تامة في هذا الموضوع إن شاء الله.

بسم الله نبدأ:



(أولاً)

لا يجوز لنا أن نتكلم ونفتي ونحكم حكم شرعي ديني على أي شيءٍ كان من دون علم، بل الواجب علينا في الأمور الشرعية الدينية أن نسأل أهل الذكر، أهل العلم، لأن (العلماء ورثة الأنبياء) كما قال صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي وأبي داود.



(ثانياً)

سبحان الله، مسألة لم يختلف في حكمها العلماء ولا الأئمة الذين قال الله تعالى عنهم:

(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)

ثم نأتي نحن ونختلف ونجادل في حكمها بدون علم. (سبحان الله).




(ثالثاً)

الأمور الشرعية لا يجوز الخوض فيها إلا من علماء الشريعة المختصين المؤهلين علمياً للبحث والتحقيق، والإنسان الذي ليس من طلاب العلم الشرعي فلا يجوز له الخوض فيما ليس من اختصاصه.

كما لا يجوز لوسائل الإعلام من الصحف والمجلات وغيرها أن تفسح المجال لمن ليس من أهل العلم الشرعي أن يخوض في الأحكام الشرعية ويكتب في غير اختصاصه حماية للمسلمين في عقائدهم وأخلاقهم.



(رابعاً)

الميت لا ينفعه بعد موته إلا ما دل عليه دليل شرعي ومن ذلك ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله:

(إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (1631).

وأما المعاصي، التي عملها في حياته ومات وهو غير تائب منها – ومنها الأغانيفإنه يعذب بها إلا أن يعفو الله عنه بمنه وكرمه.

فلا يجوز بعثها وإحياؤها بعد موته لئلا يلحقه إثمها زيادة على إثم فعلها في حياته، لأن ضررها يتعدى إلى غيره، كما قال عليه الصلاة والسلام: (وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم (1017).



(خامساً)

أما من يقول: (ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى).

فهذا من جهله بالقرآن.

فإن الله تعالى قال:

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6.

قال أكثر المفسرين: معنى (لَهْوَ الْحَدِيثِ) في الآية: الغناء.

وقال جماعة آخرون: كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك، وهذا كله يصد عن سبيل الله، ويسبب الضلال والإضلال .

وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أنه قال في تفسير الآية: إنه والله الغناء.

وقال : إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.

وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب، وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه (إغاثة اللهفان) الكلام في حكم الأغاني وآلات اللهو.



(سادساً)

الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للنساء خاصة فيما بينهن بضرب الدف والإنشاد المجرد من التطريب وذكر العشق والغرام والموسيقى وآلات اللهو مما تشمل عليه الأغاني الماجنة المعروفة الآن، وإنما رخص بالإنشاد المجرد عن هذه الأوصاف القبيحة مع ضرب الدف خاصة دون الطبول وآلات المعازف لإعلان النكاح، بل صح في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري أنه حرم المعازف بجميع أنواعها وتوعد عليها بأشد الوعيد.

ورد في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ (أي: جبل) يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

والمعازف : الغناء وجميع آلاته.

فذم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم من يستحلون الحر وهو الزنا، ويستحلون لبس الحرير للرجال، وشرب الخمور، ويستمعون الغناء وآلات اللهو.

وقرن ذلك مع الزنا والخمر ولبس الرجال للحرير مما يدل على شدة تحريم الغناء وتحريم آلات اللهو.


(سابعاً)

ما ذُكِـرَ عن بعض العلماء من رأي في إباحة الغناء فإنه رأي مردود بالأدلة التي تحرم ذلك، والعبرة بما قام عليه الدليل لا بما خالفه، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.



(أخيراً)

الواجب على الجميع التوبة إلى الله تعالى، وعدم التقول على الله وعلى رسوله بغير علم، فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في كتاب الله.

وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه

(اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء)